السُنن الإلهية في الإحياء الحضاري الإنساني

رؤية في ضوء المنظومة العرفانية

تتغيَّا هذه الدراسة تأصيل رؤية للإحياء الحضاري الإنساني إنطلاقاً مما تختزنه المنظومة العرفانية من مبان معرفية ورؤى تأسيسية في هذا الفضاء. ولتظهير هذه الغاية، وجدنا أن نأخذ بمفهوم “العالَميِن” القرآني لما له من منزلة محورية في الخطاب الإلهي. إذ من البيِّن أن كلمة “العالَميِن” -الواردة في الآية الأولى من السورة الأولى من القرآن – تختزن من الدلالات والأبعاد الغيبية والشهودية ما يعرب عن الغاية من إبداع عالم الخلق. من أجل ذلك سنرى كيف افتتح الحق تعالى بيانه في سورة الحمد من كتابه العزيز بـ ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾[1]، ثم في مخاطبته نبيِّه الخاتم ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ﴾[2]في الآية الأولى نقرأ بيان التوحيد وفي الثانية بيان النبوَّة. وفي البيانين ربط وطيد بعالمي الخلق والأمر حيث الإنسان المكرَّم، هو المستخلف والوارث، وهو ضمير المخاطب المباشر في كلام الخالق.


[1] – سورة الفاتحة- الآية 2.

[2] – سورة الأنبياء – الآية 107.