تكشف هذه الدراسة عن أن الصورة التي رسمها عدد من المستشرقين لشخصية الإمام الحسين (ع) اتسمت في مجملها بالانتقائية المنهجية والإسقاطات الثقافية، مما أدى إلى تشويه أو تقزيم أبعاد شخصيته الرسالية والثورية. ففي الوقت الذي حاول فيه كل من (كريس هيُوَر) (Chris Hewer) (ودونالدسون) (Dwight M. Donaldson) و(وينسنك) (Arent Jan Wensinck) و(زويمر) (Samuel M. Zwemer) تقديم قراءات تتفاوت في نبرتها ومرجعياتها، برز ميل واضح لدى بعضهم إلى اختزال نهضة كربلاء في أبعاد اجتماعية أو سياسية مجتزأة، مع تجاهل صريح أو ضمني للمنابع العقدية والروحية التي شكلت جوهر المشروع الحسيني. لقد تجلى هذا التحيز في إغفال النصوص النبوية الواردة في حق الإمام الحسين (ع)، وفي فقر أدوات التحليل المستخدم لدى بعض المستشرقين الذين قارَبوا مفاهيم الإمامة والشهادة والعدالة من خلفيات معرفية لا تستوعب النسق القيمي الإسلامي. ومع ذلك، لا يمكن إغفال بعض المحاولات الإيجابية والواعية التي سعت إلى الإنصاف، لا سيما في أعمال (كريس هيُوَر)، الذي أبدى نزوعًا إلى استكشاف البعد الأخلاقي في سيرة الإمام، وإن ظلّ محصورًا ضمن أفق إنساني عام لم يرتقِ إلى فهم الأبعاد العقدية. وعليه، فإن الدراسة تدعو إلى تجاوز المقاربات الاستشراقية التقليدية، والانفتاح على نماذج معرفية جديدة تزاوج بين المنهج النقدي والاحترام الثقافي، وتتيح قراءة أكثر عدلاً وإنصافًا لشخصيات إسلامية مفصلية كالإمام الحسين (ع)، الذي تجتمع في سيرته قيم التحرر، والوعي، والشهادة، والمقاومة الأخلاقية في وجه الظلم. يناول البحث مقدمة و خمسة مباحث، المبحث الأول: كلمات المستشرق (كريس هيُوَر) الإيجابية بحق الإمام الحسين (ع) ونهضته. المبحث الثاني: المستشرقون وتحريف الأحاديث. المبحث الثالث: عائلة الحسين (ع) كما يبحثها (كريس هيُوَر). المبحث الرابع: تحليل (كريس هيُوَر) للبيئة الاجتماعية والسياسية قبل نهضة الإمام الحسين (ع). المبحث الخامس: واقعة الطف وعاشوراء كما يطرحها المستشرقون بأربعة مطالب: المطلب الأول: عاشوراء كما يدرسها المستشرق (وينسينك) وردّ (كريس هيُوَر) عليه. المطلب الثاني: واقعة الطف في تحليل (كريس هيُوَر) و(دونالدسون) و (هاينز هالم). المطلب الثالث: مواقف إيجابية لمستشرقين حول واقعة الطف. المبحث الرابع: زينب (ع) المرأة القيادية في نظر المستشرقة (دايان ديسوزا)، وخاتمة، ومصادر.