تعرّض القرآن الكريم والسنة الشريفة لموضوعة الدعاء، واعتنيا به عنايةً فائقةً، وفي ضوء ذلك كتب أعلام الفريقين في حقيقة الدعاء وأسراره وضوابطه وشروطه، وقد حاول الكثير منهم التعرّض إلى الإجابة عن إشكاليةٍ ذات جذورٍ تاريخيةٍ عميقةٍ ترتبط بعدم وقوع الاستجابة الفعلية للكثير من أدعية المسلمين والمؤمنين في حين أنَّ القرآن يُصرّح في أكثر من موردٍ بوقوع الاستجابة حال تحقّق الدعاء، كما جاء صريحًا في قوله تعالى:{وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ} (غافر: 60)، وقال تعالى:{وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ} (البقرة: 186)، فقوله تعالى:{ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ}، وقوله:{فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ}، واضحان وصريحان في تحقيق الاستجابة في الدنيا بنحوٍ لا يقبل الشكّ، فهو سبحانه يعد السائل له بالاستجابة، ولا يُحتمل في حقّه سبحانه أن يُخلف وعده، وهذا أمرٌ محلّ وفاقٍ بين المسلمين، من أنّه سبحانه بمقتضى علمه وحكمته وقدرته المطلقة قد أوجب على نفسه الوفاء بالوعد، وإلّا لزم التشكيك بعشرات الوعود الإلهيّة للمؤمنين الصالحين بالجنّة والرضوان والنعيم الأُخروي.