فن إدارة الخلافات الزوجية

بسم الله الرحمن الرحيم

إعداد: د. تغريد حيدر/ أخصائية نفسية ومدربة في مجال الإرشاد الأسري

تعتبر العلاقة الزوجية من أهم وأرقى العلاقات الإنسانية حيث أنها تساهم في تشكيل الأسرة التي تعد نواة المجتمع. فإن صلحت الأسرة صلح المجتمع، وإن اضطربت اضطرب. والأسرة كانت ولا تزال هدفاً للمشروع الصهيوني الشيطاني العالمي الذي يحاول بشتى الطرق الظاهرة والمبطنة تفكيكها في سبيل السيطرة على أفرادها والتلاعب بهم.
إن الزواج حالة انتقالية يتدرب فيها الشريكان على عملية التكيف من خلال ظهور عدد من التحديات أبرزها:

  • ترتيب الأولويات: الاتفاق حول أهم المواضيع المشتركة من حيث ترتيبها من الأكثر أهمية إلى الأقل
  • توزيع الأدوار: إن الإسلام دين حدد المعايير المتعلقة بحقوق وواجبات الزوجين لكن الأعراف والتقاليد قد تتدخل لإحداث زعزعة على هذا المستوى، فقد يخلط الزوج مثلاً ما بين مفهومي السلطة والتسلط، فيلجأ للقمع داخل أسرته كدليل على كونه صاحب الكلمة الأخيرة في القرارات المصيرية المتعلقة بعائلته..
  • التربية: أي الأساليب التربوية الواجب اعتمادها والتي قد يستمدها معظم المتزوجين بشكل لا واعي من الإرث التربوي المتعلق بأهلهم
  • الإنجاب: من حيث تحديد توقيته، ومسألة العقم وغيرها..
  • الإدارة المالية: ولا نقصد بها ما يتعلق بالمستوى الاقتصادي وإنما بتنظيم عملية صرف المال من أجل تفادي الوقوع في العجز المالي..

تتمحور معظم الخلافات الزوجية حول عدد من العناوين أبرزها:

  • العلاقة الحميمة والتي تعتبر الحجر الأساس في بناء علاقة زوجية مستقرة، وتحتاج إلى زيادة الوعي حول الثقافة الجنسية وأهمية الصراحة والحوار بين الشريكين في سبيل تحقيق إشباع نفسي عاطفي جسدي متكامل
  • شخصية الطرفين والتي تشمل الطباع الذاتية والتي تظهر انعكاساتها بشكل واضح في العلاقة الثنائية
  • المحيط أي الاهل والاصدقاء والأقارب والذين يلعبون دوراً أساسياً في تخفيف أو زيادة حدة التوتر بين الشريكين
  • التحديات الجديدة كولادة طفل، عمل الزوجة، الأوضاع الاقتصادية وغيرها

ومن هنا، يشمل مفهوم فن إدارة الخلافات الزوجية تسليط الضوء على ثلاثة من المحكات الرئيسية في الحياة الزوجية وهي:

  • العمر النفسي عند معالجة الخلاف الزوجي
    هل يتعامل الشريك مع شريكه بنضج ومسؤولية وحكمة أم أنه يسقط في فخ “المراهقة النفسية” فيصيبه العناد والتمرد والعصبية والمبالغة في الحساسية في ذلك الموقف؟
  • العطاء للتحسين
    ما مقدار المبادرة الفردية في سبيل إنجاح العلاقة في ضوء مفهوم التكامل وليس التنافس؟
  • تبرير الذات
    هل يحكم الشريك على تصرفاته بحيادية أم أنه يتعاطى كمن يمتلك الحق الكامل في الحكم على الآخر؟
    إن الإدارة الصحيحة للعلاقة الزوجية تتم من خلال حل المشاكل وليس تجميدها لتتراكم وتنفجر يوماً ما، لكن السر يكمن في اختيار التوقيت والأسلوب المناسبين لذلك.

وعلى الشريكين عدم نسيان ما يلي:

  • الخلافات الصغيرة مهمة لأنها تساهم في معرفة الطرف الآخر أكثر واستكشاف طرق تفكيره ومعالجته للتحديث المستجدة
  • لا بد أن تظل التوقعات الثنائية واقعية أي منطلقة من الواقع المعاش وليس الأمنيات الشخصية
  • التركيز على الإصلاح الذاتي الدائم
  • تجنب التهور وإتخاذ القرارات أثناء الغضب
  • المحافظة على الخصوصية وعدم السماح للآخرين بالتدخل في شؤون العلاقة
  • تخصيص وقت لإعادة الحيوية للحياة الزوجية من خلال ممارسة الهوايات المشتركة أو السفر..
  • عدم كبت ردود الأفعال إنما التحكم بطريقة الرد الصحيح
  • إتقان فن الحوار مع الاصغاء والابتسامة
  • البحث الدائم عن حل يرضي الطرفين
  • التضحية المشتركة
  • الحفاظ على القدوة الصحيحة للأبناء من خلال الأفعال لا الأقوال فقط

إن الإدارة الصحيحة للخلافات الزوجية ليست بالأمر المستحيل لكنها تحتاج إلى تدريب ومتابعة وتطوير لا سيما في ظل محاولات النظام العالمي تفكيك الروابط الأسرية لتيسير السيطرة على المجتمعات.