المفاهيم الهندسية والعلمية للألفاظ القرآنية الواردة في آيات ردم ذي القرنين

جاء هذا البحث لتسليط الضوء على بسط المفاهيم العلمية والهندسية للألفاظ الواردة في الآيات التالية: {حَتَّىٰ إِذَا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ وَجَدَ مِن دُونِهِمَا قَوْماً (*) لاَّ يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلاً قَالُواْ يٰذَا ٱلْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي ٱلأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجاً عَلَىٰ أَن تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدّاً (*) آتُونِي زُبَرَ ٱلْحَدِيدِ حَتَّىٰ إِذَا سَاوَىٰ بَيْنَ ٱلصَّدَفَيْنِ قَالَ ٱنفُخُواْ حَتَّىٰ إِذَا جَعَلَهُ نَاراً قَالَ آتُونِيۤ أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْراً (*) فَمَا ٱسْطَاعُوۤاْ أَن يَظْهَرُوهُ وَمَا ٱسْتَطَاعُواْ لَهُ نَقْباً} [سورة الكهف: آية 93-97]. وتناولنا فيه الفرق بين السد والردم، وعملية استخلاص الحديد، وتكوّن المحلول الصلب؛ ومن ثم طبيعته الناتجة من إفراغ مصهور النحاس بدرجة حرارة النار بعد النفخ وليس قبله. إذ كان من اللازم أن يكون النفخ، ولولاه لما صار الردم بهذه المواصفات؛ وبعده مباشرة وأثناءه يتم إفراغ مصهور النحاس الذي يؤدي الى تليين الحديد والامتزاج به مكونا سبيكة من الحديد بنسبة كبيرة ونحاس بنسبة لا تقل عن 0.6% ولا تزيد عن 8%، وهذه السبيكة المتكونة لها مواصفات تنسجم مع ما ذكر في القرآن الكريم من الصلادة والإنملاس؛ وكذلك مقاومة للصدأ لتبقى صامدة لفترة طويلة ومن ثم لا يتغير شكلها. 

وقد وجد عمليا أن بإضافة كمية من النحاس بمقدار (2%) فإنها تكون كافية لتحقيق أفضل صفات كيميائية وفيزيائية وميكانيكية للمحلول الصلب المتكون من الحديد والنحاس من مقاومة الصدأ والكشط والحك والثقب والانكماش والصلابة وغيرها. 

ولو تغيّر الترتيب في العمليات الهندسية كما هي مرتبة في الآيات من: الإيتاء الى وضع زبر الحديد الى النفخ وجعل الحديد كالنار -باللون أو بالميوعة كما ذكر المفسرون- ثم صهر النحاس ثم إفراغه وهو مصهورا على ركام الحديد المسخن حتى الاحمرار لما تحققت صفات الردم من الصلادة والإنملاس كما ذكرتا في القرآن الكريم، وبالنتيجة وبهذه العمليات المتتابعة يتكون ردما وليس سدا كما طلبوا من ذي القرنين.