ادارة الازمات

منهج النبي موسى عليه السلام في إدارة الأزمة في بدعة السامري مع بني إسرائيل.

قبل التطرق الى تحليل الموضوع لنعرج سريعا على بعض المصطلحات الواردة في هذا المجال.

الأزمة

جاء في معجم الصحاح في اللغة أن الأزْمَة: هي الشدَّةُ والقحط. يقال أصابتهُمْ سَنَةٌ أزَمَتْهُمْ أَزْماً، أي اسْتأْصَلَتْهُمْ. وأَزَمَ علينا الدهرُ يَأْزِمُ أَزْماً، أي اشتدَّ وقل خَيره. و يقال أيضاً: أَزَمَ الرجل بصاحبه، إذا لَزِمَه[1]

أما تعريفها في معجم ويبستر فيعرف الأزمة بأنها نقطة تحول إلى الأفضل أو الأسوأ. وهي لحظة حاسمة، أو وقت عصيب، أي وضع وصل إلى مرحلة حرجة.

ويمكن ان تعرف الأزمة بانها اللحظة الحرجة ونقطة التحول، أو هي تعبير عن موقف مفاجئ يؤدي إلى أوضاع جديدة تتسم بعدم الاستقرار، وتحدث نتائج غير مرغوب فيها، في وقت قصير، مما يستلزم مهارة عالية لإدارتها والتصدي لها. غير أن ذلك ليس بالأمر المتاح في كل الأوقات، فأثناء الأزمة عادة ما تكون الأطراف المعنية غير مستعدة لها، أو غير قادرة على مواجهتها.

تاريخ مفهوم إدارة الأزمة:

تجمع الكثير من المصادر إلى أن مفهوم إدارة الأزمات ) (Crisis management يعود الى ستينيات القرن الماضي ، عندما اشتعلت الحرب الباردة واحتدمت حادة بين الإتحاد السوفيتي سابقا والولايات المتحدة الأمريكية حول وجود صواريخ نووية في كوبا، و كادت أن تشعل فتيلا للحرب العالمية الثالثة ، وقد انتهت تلك الأزمة بالحوار المصحوب بالتهديد والترغيب تم على أثره عقد عدة صفقات في الخفاء.

وحال انتهاء تلك الأزمة الخطيرة، أعلن وزير الدفاع الأمريكي الأسبق في حينه (ماكتمارا) بأنه قد انتهى عصر(الاستراتيجية)، وبدا عصر جديد يمكن أن نطلق عليه “عصر إدارة الأزمات”[2]

ومنذ ذلك التاريخ بدأ اتجاه جديد يتعامل مع المواقف الصعبة من خلال مجموعة من القواعد (أو المبادئ) أو التوجهات أطلق عليها أحيانا “فن إدارة الأزمات” او “سيكولوجية إدارة الأزمات” أو “سيناريوهات إدارة الأزمات”2      

مفهوم إدارة ألازمات 
أوردت الموسوعة الإدارية تعريفاً لإدارة ألازمات بأنها: “المحافظة على الأصول وممتلكات المنظمة (أي نظام قائم، من مجموعة بشرية تعمل ضمن نطاق معين)، وعلى قدرتها على تحقيق الإيرادات، كذلك المحافظة على الأفراد والعاملين بها ضد المخاطر المختلفة، والعمل على تجنب المخاطر المحتملة أو تخفيف أثرها على المنظمة، في حالة عدم التمكن من تجنبها بالكامل”، وهذا ينطبق أيضا على الدولة وإداراتها.

ويجد العديد من الباحثين أن إدارة ألازمات هو علم وفن إدارة التوازنات والتكيف مع المتغيرات المختلفة وبحث آثارها في كافة المجالات، ويمكن القول أيضا بأنها عملية الإعداد والتقدير المنظم والمنتظم للمشكلات الداخلية والخارجية التي تهدد بدرجة خطيرة سمعة المنظمة وبقائها.[3]

 والأزمة من الناحية العلمية تشمل كل أوجه الحياة: الإقتصادية والمالية والسياسية والعسكرية وغيرها كثير، ولكن ما يهمنا في هذا المقام هي الازمة من الناحية الاجتماعية.

الأزمات الإجتماعية:

تعرف علي انها خلل وعدم توازن في عناصر النظام الاجتماعي في ظل حالات من التوتر والقلق والشعور بالعجز لدى الافراد وعدم القدرة علي اقامة علاقات اجتماعية وانسانية وظهور قيم ومعايير اخلاقية مغايرة للثقافة السائدة. وتشتمل على أزمة الأخلاق وأزمة الأمراض المتفشية وانتهاك المحرمات. وأزمة العنوسة وعزوف الشباب عن الزواج وأزمة الزواج المثلي في الشعوب الملتزمة، وأزمات متعددة أخرى.

سمات الأزمة3

ذكر ستيف ألبرت في كتابه إدارة الأزمات ست سمات للأزمة وهي:

المفاجأة: وتعني أن الأزمات تحدث بدون سابق إنذار، أو قرع للأجراس بل بشكل مفاجئ؛

نقص المعلومات: وتعني عدم توفر معلومات عن المتسبب بهذه الأزمة، ويعود السبب إلى النقص في المعلومات، خصوصاً إذا كانت تحدث لأول مرة؛

تصاعد الأحداث: عند حدوث الأزمات تتوالى الأحداث لتضييق الخناق على أصحاب القرار؛

فقدان السيطرة: جميع أحداث الأزمة تقع خارج نطاق قدرة وتوقعات أصحاب القرار فتفقدهم السيطرة والتحكم بزمام الأمور؛

حالة الذعر: تسبب الأزمة حالة من الذعر فيعمد صاحب القرار إلى إقالة كل من له علاقة بوقوع الأزمة، أو يلجأ إلى التشاجر مع معاونيه؛

غياب الحل الجذري السريع: الأزمات لا تعطي مهلة أو فرصة لصاحب القرار حتى يصل إلى حل متأن، بل بسرعة لا بد من الاختيار بين عدد محدود من الحلول واختيار أقلها ضررا.

خصائص الأزمة3

تمثل الأزمة نقطة تحول جوهري ينطوي على درجة من الغموض وعدم التأكد والمخاطرة؛

تتطلب قرارات مصيرية لمواجهتها أو لحسمها؛

تسبب حالة عالية من التوتر العصبي والتشتت الذهني وذلك لانطوائها على عنصر المفاجآت؛

تهدد القيم العليا أو الأهداف الرئيسه للمنظمة؛

تتسم أحداثها بالسرعة والديناميكية والتعقيد والتداخل، وقد يفقد أحد أطراف الأزمة أو بعضهم السيطرة على مجرياتها؛

تتطلب الأزمة معالجة خاصة، وإمكانيات ضخمة.

الفرق بين الأزمة والمفاهيم المشابهة:

يلاحظ أن مصطلح ” أزمة” يستعمل كثيرا من طرف الباحثين ووسائل الإعلام في غير موضعه، كما يتم الخلط عادة بينه وبين مصطلحات مشابهة، حيث هناك تعريفات لأهم المصطلحات التي قد تخلط مع مفهوم الأزمة.

الحادث (Accident):

الحادث هو حالة فجائية غير متوقعة تحدث بصورة سريعة وتنتهى هذه الحالة فور انقضاء الحادث، بمعنى أنها لا تتسم بالاستمرارية. ولا يكون للحادث امتدادات وتتباعات جوهرية، وتختفى آثاره مع اختفاء نتائج وتداعيات الحدث. لذلك، فإن الأزمة قد تكون ناجمة عن حادث، وتكون أحد نتائجه، لكنها مع ذلك ليست الحادث نفسه. مثلا يمكننا الحديث عن حادث سير بطريقة معزولة تنقضي بانقضاء الحادث، أو يمكن الحديث عن أزمة حوادث السير كظاهرة عامة تتسم بالاستمرارية والامتداد

المشكلة (Problem)

هي حالة من التوتر وعدم الرضا، الناجمين عن بعض الصعوبات، التي تعوق تحقيق الأهداف. وتتضح معالم المشكلة في حالة عدم تحقيق النتائج المطلوبة؛ ولذلك، تكون هي السبب الأساسي لحدوث حالة غير مرغوب فيها؛ بل تصبح تمهيداً لأزمة إذا اتخذت مسارا معقدا، يصعب من خلاله توقّع النتائج بدقة. والأزمات في حقيقة الأمر هى مشكلات جوهرية وقوية وحادة يتم الشعور تجاهها بالانفعال والضغط الكبير، واستمرار هذه المشكلات يهدد بقاء المنظمة ويقضى على أهدافها ورسالتها ورؤيتها. أي أن العلاقة بين المشكلة والأزمة علاقة وثيقة الصلة فالمشكلة قد تكون هى سبب الأزمة ولكنها ليست هى الأزمة في حد ذاتها

الصدمة (Shock)

 وهي شعور مفاجئ حاد، ناتج عن حادث غير متوقّع؛ وهو يجمع بين الغضب والذهول والخوف. لذلك، يمكن القول بأن الصدمة هى أحد الأعراض الأساسية الناجمة عن وقوع الأزمة، وهى تحدث عندما تنفجر الأزمة بصورة فجائية سريعة دون إنذار أو تمهيد. ويتطلب التعامل معها استيعاب تأثيرها، في أقل وقت ممكن حتى يمكن الوصول إلى جوهر ما نجم عنها؛ ما يخالف التعامل مع الأزمة، والذي يتركز في مواجهة جوهرها. أيضا، فإن الإحساس بالصدمة يكون احساسا سريعاً وطارئا يختفى ويزول بسرعة

الكارثة (Disaster)

الكارثة من كرث، بمعنى الغم. يقال فلان اشتد عليه وبلغ منه المشقة، والكارث هو الأمر المسبب للغم الشديد. أما قاموس أكسفورد، فقد عرف الكارثة بأنها حدث يسبب دماراً واسعا ومعاناة عميقة، وهي سوء حظ عظيم. كذلك، فإن الكارثة هي من أحد أكثر المفاهيم التصاقا بالأزمات، وقد ينجم عنها أزمة، ولكنها لا تكون هي أزمة بحد ذاتها، وتعبر الكارثة عن حالة مدمرة حدثت فعلا ونجم عنها ضرر في الأرواح أو الماديات أو كليهما. وعرفها البعض بأنها حدث مروع يصيب قطاعا من المجتمع أو المجتمع بأكمله بمخاطر شديدة وخسائر مادية وبشرية، ويؤدي إلى ارتباك وخلل وعجز في التنظيمات الاجتماعية في سرعة الإعداد للمواجهة، وتعم الفوضى في الأداء على مختلف المستويات. وتتعدد أسباب الكوارث، فتكون طبيعية مثل: الزلازل والبراكين والحرائق الطبيعية؛ أو تكون بشرية مثل الصراعات الإدارية، أو تعدد المشكلات وتراكمها في كيان تنظيمي؛ وقد تكون صناعية ناتجة عن استخدام معدات تكنولوجية وأجهزة صناعية متخلفة. وتتطلب مواجهة الكارثة معونات على مستوى الدولة وربما تتطلب معونات دولية، وقد تكون الكارثة سبباً رئيسيا في إحداث الأزمات. وعموما يمكن أن نلخص أهم الفروقات بين مفهومي الأزمة والكارثة على النحو التالي: 

الأزمة أعم وأشمل من الكارثة، فكلمة الأزمة تعني الصغيرة منها والكبيرة، المحلية والخارجية، أما الكارثة فمدلولها ينحصر في الحوادث ذات الدمار الشامل والخسائر الكبيرة في الأرواح والممتلكات؛

في الأزمات نحاول اتخاذ قرارات لحل تلك الأزمات، وربما ننجح وربما نخفق، أما في الكارثة فإن الجهد غالبا ما يكون بعد وقوع الكارثة وينحصر في التعامل معها.

الصراع (Conflict)

ينشأ الصراع بسبب تعارض الأهداف والمصالح، سواء بين الأشخاص، وبين الكيانات التنظيمية والاجتماعية المختلفة، ويعد مفهوم الصراع أكثر المفاهيم قرباً لمفهوم الأزمة فكثير من الأزمات يكون جوهرها صراع بين طرفين في المنظمة، أو بين المنظمة كطرف، وطرف خارج هذه المنظمة، وتنجم الأزمات عن التعارض والتناقض بين هذين الطرفين، لكن الفرق الجوهرى بين الصراع والأزمة أن الصراع لا يكون بنفس تأثير ونفس شدة الأزمة، من جانب آخر يكون الصراع أكثر وضوحاً من حيث اهدافه واتجاهاته وأبعاده وأطرافه، بينما تكون هذه العناصر غير محددة وغير معروفة بوضوح في الأزمة، ويتسم الصراع بطبيعة شبه دائمة في المنظمة، فهناك صراعات تتبدل وتتغير بين أطراف مختلفة وبين مستويات متعددة، بينما تبدأ الأزمة وتنتهى بسرعة وتترك وتخلف وراءها مجموعة من النتائج

الخلاف (Dispute)

وهو يدل على وجود حالة من التضاد والتعارض والمعارضة، وحالة من عدم التطابق في الشكل أو في المضمون. والخلاف يكون في أوقات كثيرة أحد الأسباب الرئيسية للأزمة، أو وجها من وجوه التعبير عنها أو باعثا على نشوئها واستمرارها، ولكنه ليس الأزمة في حد ذاتها. 

هل أن ما قام به السامري هي أزمة أم مشكلة أم ماذا؟

إن ما قام به السامري في بداية الأمر كانت مشكلة، وما كانت تهدد أيمان بني اسرائيل وتوحيدهم الله الواحد. بل كان يمهد للإنقلاب وتغيير النظام القائم كلية لتصبح أزمة. وكما مر علينا فإن مقومات الأزمة الستة هي:

المفاجأة: فقد فاجأهم السامري بإدعاءه أنه يصنع لبني إسرائيل ربا ليعبدوه بإضلالهم وإغوائهم ولم يكن ذلك في حسبان النبي موسى لولا أن أخبره حينما كان في ميعاد الطور الذي نزلت عليه فيه التوراة؛ {وَمَا أَعْجَلَكَ عَن قَوْمِكَ يَا مُوسَى (83) قَالَ هُمْ أُولاء عَلَى أَثَرِي وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى (84) قَالَ فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِن بَعْدِكَ وَأَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُّ} [سورة طه: آية 83-85]

نقص المعلومات: فلم يظهر السامري دعواه المضلة بوجود النبي موسى عليه السلام، ولذلك لم يعلم موسى يتحرك السامري المريب إلا بعدما أخبره الله عز وجل {فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِن بَعْدِكَ وَأَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُّ} [سورة طه: آية 85].

تزايد الأحداث: فقد تسارعت الأحداث بغياب النبي موسى باضطراد مما داهم قدرة النبي هارون عليه السلام في علاجها وضييقت عليه الخناق في تلافيها. وَلَقَدْ قَالَ لَهُمْ هَارُونُ مِن قَبْلُ يَا قَوْمِ إِنَّمَا فُتِنتُم بِهِ وَإِنَّ رَبَّكُمُ الرَّحْمَنُ فَاتَّبِعُونِي وَأَطِيعُوا أَمْرِي (90) قَالُوا لَن نَّبْرَحَ عَلَيْهِ عَاكِفِينَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنَا مُوسَى (91)طه

فقدان السيطرة: إذ لم يعد النبي هارون قادرا أن يسيطر على حركة السامري وأتباعه في عملية أضلال الناس، ولذلك استفسر منه النبي موسى: (قَالَ يَا هَارُونُ مَا مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا (92) أَلاَّ تَتَّبِعَنِ أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي (93) قَالَ يَا ابْنَ أُمَّ لا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلا بِرَأْسِي إِنِّي خَشِيتُ أَن تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي (94) طه. فكما ترى أن ما حدث من هذه الأزمة أنها كانت خارج نطاق قدرة وتوقعات صاحب القرار في غياب النبي موسى وهو النبي هارون عليهما السلام. فهذه الأزمة قد أفقدته السيطرة والتحكم بزمام الأمور؛

حالة الذعر: فإنها قد أصابت صاحب القرار وهو النبي هارون عليه السلام. وقد كان  فعله غير ملائم مع حجم الأزمة مما زاد في ذعر المتسببين فيها و أدى الى حالة الفوضى. «إني خشيت أن تقول فرقت بين بني إسرائيل و لم ترقب قولي)94 طه. “أي  لو كنت مانعتهم عن عبادة العجل و قاومتهم بالغة ما بلغت لم يطعني إلا بعض القوم و أدى ذلك إلى تفرقهم فرقتين: مؤمن مطيع، و مشرك عاص، و كان في ذلك إفساد حال القوم بتبديل اتحادهم و اتفاقهم الظاهر تفرقا و اختلافا و ربما انجر إلى قتال و قد كنت أمرتني بالإصلاح إذ قلت لي: وَأَصْلِحْ وَلاَ تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ (142)الأعراف،   فخشيت أن تقول حين رجعت و شاهدت ما فيه القوم من التفرق و التحزب:  (فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي (94))طه”4

غياب الحل الجذري السريع: فالأزمات لا تعطي مهلة أو فرصة لصاحب القرار حتى يصل إلى حل متأن، بل بسرعة. فلا بد من الاختيار بين عدد محدود من الحلول واختيار أقلها ضررا. وهذا واضح من سياق الآيات السابقة.

ولو عدت قليلا وتساءلت لماذا لم تكن قصة بنتي النبي شعيب أزمة؟

وللتذكير فقط فإن بنتي شعيب عليه السلام كانتا تحاولان سقي أغنامهما وتحاولان أن تحبسانها حتى ينتهي باقي الرعاء (جمع راعي)، وقد ساعدهما النبي موسى فيما يطلبا. (وَلَمَّا وَرَدَ مَاء مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِّنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِن دُونِهِمُ امْرَأتَيْنِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاء وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ (23) فَسَقَى لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ (24) القصص. فواضح جدا أن لا ميزة واحدة مما ذكرنا أعلاه تميز هذه الحالة على أنها أزمة بل هي حادث عابر. فهي حالة فجائية غير متوقعة حدثت بصورة سريعة وانتهت هذه الحالة فور انقضاء الحادث، بمعنى أنها لا تتسم بالاستمرارية. ولم يكن لهذا الحادث امتدادات وتتباعات جوهرية، وقد اختفت آثاره مع اختفاء نتائج وتداعيات الحدث بعد السقاية. ولم يترتب على هذا الحادث تغيير نظام أو فك عرى المجتمع وما الى ذلك من نتائج. نعم تبدأ الأزمة بحادث، وتكون أحد نتائجه، لكنها مع ذلك ليست الحادث نفسه. ولو كان ذلك مستمرا بأن يمنعان بنتي شعيب عليه السلام من السقاية عمدا وفي كل مرة مما يؤدي ذلك بالضرر والأيذاء فحينئذ تتولد الأزمة.

كيف أدار النبي موسى أزمة السامري؟

إن فن إدارة الأزمة هي قيادية بامتياز، وتتسم بخطوات مترابطة وتحاط بالحكمة والذكاء. مع الأخذ بنظر الإعتبار الأبعاد التالية: والسيناريو يجب ان يضع في الاعتبار هذه الأبعاد التي وضعها أصحاب هذا الفن وهي:

  1. البعد المعرفي: أي بما يتضمنه من استخدام للذاكرة والإدراك ( الوعي ) والخيال ( الوعي الإبداعي المعتمد على الذاكرة )
  2. البعد الوجداني: وخاصة الجوانب الدافعية المحركة للازمة والدوافع المؤدية التي توقفها.
  3. البعد الاجتماعي: أي المتعلق بالمجتمع والإعلام والاقتصاد والسياسة وكل ما يمكن ان يؤثر او يتأثر بالأزمة
  4. البعد التعبيري(الجمالي): وهو كل ما يتم من ممارسات ذات إيقاع معين2

وسأتعمد ذكر طرائق إدارة الأزمة ليتسنى لنا استقراء بطولة وشجاعة النبي موسى عليه السلام في مثل هذا الموقف في تفكيك الأزمة وتمكنه منها كما عرضها القرآن الكريم مستفيدا مما توصل له المفكرون أرباب هذا الفن في هذا المجال من شرح أبعاد إدارة الأزمة.

هناك نوعان من أساليب حل الأزمات3:

 الأول: الطرائق التقليدية،

والثاني: عبارة عن طرق لا تزال في معظمها، قيد التجريب ويصطلح عليها بالطرائق غير التقليدية

الطرائق التقليدية:

واهم هذه الطرائق:

  1. انكار الأزمة: حيث تتم ممارسة تعتيم اعلامي على الأزمة وانكار حدوثها، واظهار صلابة الموقف وان الأحوال على احسن ما يرام وذلك لتدمير الأزمة والسيطرة عليها
  2. كبت الأزمة: وتعني تأجيل ظهور الأزمة، وهو نوع من التعامل المباشر مع الأزمة بقصد تدميرها.
  3. اخماد الأزمة: وهي طريقة بالغة العنف تقوم على الصدام العلني العنيف مع قوى التيار الازموي بغض النظر عن المشاعر والقيم الإنسانية.
  4. بخس الأزمة: أي التقليل من شأن الأزمة (من تأثيرها ونتائجها). وهنا يتم الاعتراف بوجود الأزمة ولكن باعتبارها أزمة غير هامة.
  5. تنفيس الأزمة: وتسمى طريقة تنفيس البركان حيث يلجأ المدير إلى تنفيس الضغوط داخل البركان للتخفيف من حالة الغليان والغضب والحيلولة دون الانفجار.
  6. تفريغ الأزمة: وحسب هذه الطريقة يتم ايجاد مسارات بديلة ومتعددة امام قوة الدفع الرئيسية والفرعية المولدة لتيارالأزمة ليتحول إلى مسارات عديدة وبديلة تستوعب جهده وتقلل من خطورته.
  7. عزل قوى الأزمة: يقوم مدير الأزمات برصد وتحديد القوى الصانعة للأزمة وعزلها عن مسار الأزمة وعن مؤيديها وذلك من اجل منع انتشارها وتوسعها وبالتالي سهولة التعامل معها ومن ثم حلها أو القضاء عليها.

الطرائق غير التقليدية

وهي طرق مناسبة لروح العصر ومتوافقة مع متغيراته واهم هذه الطرق ما يلي:

  1. طريقة فرق العمل: وهي من أكثر الطرق استخداما في الوقت الحالي حيث يتطلب الأمر وجود أكثر من خبير ومتخصص في مجالات مختلفة حتى يتم حساب كل عامل من العوامل وتحديد التصرف المطلوب مع كل عامل.
  2. طريقة الاحتياطي التعبوي للتعامل مع الأزمات: حيث يتم تحديد مواطن الضعف ومصادر الأزمات فيتم تكوين احتياطي تعبوي وقائي يمكن استخدامه إذا حصلت الأزمة.
  3. طريقة المشاركة الديمقراطية للتعامل مع الأزمات: وهي أكثر الطرق تأثيرا وتستخدم عندما تتعلق الأزمة بالأفراد أو يكون محورها عنصر بشري. وتعني هذه الطريقة الإفصاح عن الأزمة وعن خطورتها وكيفية التعامل معها بين الرئيس والمرؤوسين بشكل شفاف وديمقراطي.
  4. طريقة الاحتواء: أي محاصرة الأزمة في نطاق ضيق ومحدود ومن الأمثلة على ذلك الأزمات العمالية حيث يتم استخدام طريقة الحوار والتفاهم مع قيادات تلك الأزمات،
  5. طريقة تصعيد الأزمة: وتستخدم عندما تكون الأزمة غير واضحة المعالم وعندما يكون هناك تكتل عند مرحلة تكوين الأزمة فيعمد المتعامل مع الموقف، إلى تصعيد الأزمة لفك هذا التكتل وتقليل ضغط الأزمة.
  6. طريقة تفريغ الأزمة من مضمونها: وهي من انجح الطرق المستخدمة حيث يكون لكل أزمة مضمون معين قد يكون سياسيا او اجتماعيا أو دينيا أو اقتصاديا أو ثقافيا أو إداريا وغيرها، ومهمة المدير هي افقاد الأزمة لهويتها ومضمونها وبالتالي فقدان قوة الضغط لدى القوى الأزموية.

وبتتبعنا لما توصل اليه القائمون في علم إدارة الأزمة وأسقطناها على إدارة الأزمة من قبل النبي موسى عليه السلام فسنجده لم يكن بالشخص الذي يعتمد انكار او اخماد او تنفيس او تفريغ الأزمة كما في الطرق التقليدية فهو صاحب منهج ورسالة وهو صاحب هدف وغاية وعليه توجيه الناس وتربيتهم التربية الربانية وإرجاع القوم الى ما كانوا عليه وايجاد حلولا للخطأ الذي حدث؛ وكذلك هو لم يغطي على الأزمة أو يحتويها بتغيير مسارها بل هو اقتلعها من جذورها لا بالتسلط والعنف واراقة الدماء ولا صعّد الأزمة ليفتت المأزمون ولم يعمل تحالفات وأئتلافات ليطوقها حسب الطرق غير التقليدية التي ذكرها علماء هذا الفن. وإنما حسب الواضح من خلال هذه الطرائق وما سأورده من آيات القرآن الكريم وتفسيرها أنه و-حسب العلم الحديث- قد اعتمد الأسلوب (المزدوج) بين الطريقتين التقليدية وغير التقليدية وهما: 

عزل قوى الأزمة: وفيها قام مدير الأزمة النبي موسى عليه السلام برصد وتحديد القوى الصانعة للأزمة وهو السامري بشكل رئيس، وعزله عن مسار الأزمة وعن مؤيديها وهم جمع من بني إسرائيل؛ وذلك من اجل منع انتشارها وتوسعها؛ وبالتالي سهولة التعامل معها ومن ثم حلها أو القضاء عليها، وهي من الطرق التقليدية.

والأخرى: طريقة تفريغ الأزمة من مضمونها: وهي من انجح الطرائق المستخدمة حيث يكون لكل أزمة مضمون معين قد يكون سياسيا اواجتماعيا أو دينيا أو اقتصاديا أو ثقافيا أو إداريا وغيرها، وتنحصر مهمة مدير الأزمة في افقاد الأزمة لهويتها ومضمونها وبالتالي فقدان قوة الضغط لدى القوى الأزموية المتمثلة بالسامري. وتعد هذه من الطرائق غير التقليدية.

فقد عمل عليه السلام على تفتيت الأزمة وتدميرها ذاتيا وتفجيرها من الداخل، وبالمفهوم المعاصر تعد هذه الطريقة من أخطر الطرائق غير التقليدية في إدارة الأزمة. وتسمى بـ(المواجهة العنيفة). وتتم فقط عندما تتوفر كامل المعلومات، واليقين من عدم وجود البديل. حيث تعتمد هذه الطريقة على الصدام المباشر. كما وتتضمن هذه الطريقة النقاط التالية:

  • ضرب الأزمة بشدة من جوانبها الضعيفة.
  • استقطاب بعض عناصر التحريك والدفع للأزمة
  • تصفية العناصر القائدة للأزمة

وبعدما عرضنا الأسلوب العلمي المتبع لمعالجة الأزمة وتطويقها لنرى أسلوب النبي موسى عليه السلام في ذلك. ولا ننسى أننا حددنا الأسلوب المزدوج للمعالجة المتبع من قبله عليه السلام، كما ذكر في الفقرة أعلاه.      

موسى عليه السلام يدير الأزمة:

اعتمد عليه السلام ثلاث خطوات كانت كفيلة بأن تنهي الأزمة بكل أبعادها وتحافظ على قوة الصف وكذلك من ابعاد مسبب الأزمة من غير ان يخلق له اتباعا.

قال تعالى: {قَالَ فَاذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَيَاةِ أَنْ تَقُولَ لَا مِسَاسَ وَإِنَّ لَكَ مَوْعِدًا لَنْ تُخْلَفَهُ وَانْظُرْ إِلَى إِلَهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفًا لَنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنْسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفًا (97) إِنَّمَا إِلَهُكُمُ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا} (طه: 97، 98 ).

إنّ موسى عليه السلام أصدر قراره الصارم، وحكم بثلاثة أحكام عليه وعلى عجله،

فأوّلا: (قَالَ فَاذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَيَاةِ أَنْ تَقُولَ لَا مِسَاسَ) “أي يجب عليك الإبتعاد عن الناس وعدم الإتّصال بهم إلى آخر العمر، فكلّما أراد شخص الإقتراب منك، فعليك أن تقول له: لا تتّصل بي ولا تقربني. وبهذا الحكم الحازم طرد السامري من المجتمع وجعله في عزلة تامّة. منزوياً بعيداً عنهم5. قال بعض المفسّرين”6: إنّ جملة (لا مساس) إشارة إلى أحد القوانين الجزائية في شريعة موسى عليه السلام التي كانت تصدر في حقّ من يرتكب جريمة كبيرة، وكان ذلك الفرد يبدو كموجود شرّير نجس قذر، فلا يقربه أحد ولا يقرب أحداً.

فقوله: «قال فاذهب» “قضاء بطرده عن المجتمع بحيث لا يخالط القوم ولا يمس أحدا ولا يمسه أحد بأخذ أو عطاء أو إيواء أو صحبة أو تكليم وغير ذلك من مظاهر الاجتماع الإنساني وهو من أشق أنواع العذاب”4

“فاضطرّ السامري بعد هذه الحادثة أن يخرج من جماعة بني إسرائيل ويترك دياره وأهله، ويتوارى في الصحراء، وهذا هو جزاء الإنسان الذي يطلب الجاه ويريد إغواء جماعة عظيمة من المجتمع ببدعه وأفكاره الضالّة، ويجمعهم حوله، ويجب أن يُحرم مثل هذا ويعزل، ولا يتّصل به أيّ شخص، فإنّ هذا الطرد وهذه العزلة أشدّ من الموت والإعدام على مثل السامري وأضرابه. لأنّه يعامل معاملة النجس الملوّث فيطرد من كلّ مكان”5.

والثّاني: إنّ موسى عليه السلام قد أسمعه وأعلمه بجزائه في القيامة فقال: (وَإِنَّ لَكَ مَوْعِدًا لَنْ تُخْلَفَهُ). “فظاهره أنه إخبار عن هلاكه في وقت عينه الله وقضاه قضاء محتوما ويحتمل الدعاء عليه، وقيل: المراد به عذاب الآخرة”4.

والثالث: (وَانظُرْ إِلَى إِلَهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفًا لَّنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفًا)، ولا يهمنا هنا الإسهاب في امكانية الحرق او غيرها وهل تبدل من جسد ميت الى جسم حي وغير ذلك. والذي يهمنا هنا هو ان موسى عليه السلام أراد أن يعطي رسالة واضحة أن معبودهم المقدس هذا في إحراقه كان تحقيرا وإهانة وتعرية لشكله الظاهري وإسقاطه معنويا في قلوبهم من غير أن يؤدي -كما يتصورون- الى إحداث ضرر أو أيذاء بالذي أحرقه وذراه في اليم وهو النبي موسى عليه السلام، وكذلك فإنه يعطي إشارة واضحة وجادة أن لا قيمة لمعبودهم هذا غير أنه أصبح حطيما تذروه الرياح وهكذا يجب ألا يكون في نفوسهم منه شيء.

و جميل أن نلتفت الى ماذهب اليه الشيرازي5 في قوله:  “لو أبقى الذهب الذي استُعمل في صناعة العجل، أو قسّمه بين الناس بالسويّة، فربّما نظر إليه الجاهلون يوماً ما نظرة تقديس، وتحيا فيهم من جديد فكرة عبادة العجل، فيجب أن تتلف هذه المادّة الغالية الثمن فداءً لحفظ عقيدة الناس، وليس هناك اُسلوب آخر لذلك وبهذا فإنّ موسى بطريقته الحازمة وتعامله الجازم الذي إتّخذه مع السامري وعجله إستطاع أن يقطع مادّة عبادة العجل، وأن يمحو آثارها من العقول، وسنرى فيما بعد كيف أثّر هذا التعامل القاطع مع عبّاد العجل في عقول بني إسرائيل.

ونقرأ نظير هذا التعامل القاطع من أجل قلع جذور الأفكار المنحرفة في شأن مسجد ضرار في القرآن كإشارة سريعة: (وَالَّذِينَ اتَّخَذُواْ مَسْجِدًا ضِرَارًا وَكُفْرًا وَتَفْرِيقًا بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصَادًا لِّمَنْ حَارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ مِن قَبْلُ وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنَا إِلاَّ الْحُسْنَى وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ (107) لاَ تَقُمْ فِيهِ أَبَدًا…) التوبة ، وفي التاريخ والحديث بصورة مفصّلة، بأنّ النّبي صلى الله عليه وآله وسلم قد أمر أوّلا بحرق مسجد ضرار، وأن يهدموا الباقي منه، ويجعلوا مكانه محلاًّ لأوساخ وقاذورات وفضلات الناس”.   

ولقد شخّص موسى في آخر جملة، ومع التأكيد الشديد على مسألة التوحيد، حاكمية نهج الله، فقال: (إِنَّمَا إِلَهُكُمُ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا)98 طه، فليس هو كالأوثان المصنوعة التي لا تسمع كلاماً، ولا تجيب سائلا، ولا تحلّ مشكلة، ولا تدفع ضرّاً.

والخلاصة:

أن إدارة الأزمة تحتاج الى الإجابة على التساؤلات التالية2:

  1. متى: متى حدثت الأزمة؟ متى علمنا بها؟ متى تطورت أبعادها؟!
  2. من: من سبب الأزمة؟ من المستفيد منها؟ من المتضرر منها؟ من المؤيد لها؟ من المعارض لها؟ من المساند؟ من الذي يوقفها؟ …الخ
  3. كيف: كيف بدأت الأزمة؟ كيف تطورت؟ كيف علمنا بها؟ كيف تتوقف؟ كيف: كيف نتعامل معها؟
  4. لماذا: لماذا ظهرت الأزمة؟ لماذا استفحلت؟ لماذا لم تتوقف؟ لماذا نحاربها ولا نتركها لحالها؟
  5. أين: أين مركز الأزمة؟ إلى أين ستمضي؟ أين مكمن الخطر؟ إلى أين يتجه الخطر؟

هذه الأسئلة تحتاج الى إجابات ومن خلال هذه الإجابات نضع السيناريو المناسب للتعامل مع الأزمة.

الدكتور أحمد الصفار


1 الصحاح في اللغة للجوهري

[2] http://sst5.com/readArticle.aspx?ArtID=916&SecID=42#sthash.EsNdjC8R.dpuf

3https://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A5%D8%AF%D8%A7%D8%B1%D8%A9_%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B2%D9%85%D8%A7%D8%AA

الميزان في تفسير القران، السيد محمد حسين الطباطبائي   4

تفسير الامثل في كتاب الله المنزل، للشيخ مكارم الشيرازي  /ج8/ ص187-189   5

تفسير في ظلال القرآن، سيد قطب، المجلّد الخامس ، ص494  6